معتقل “عوفر” .. الداخل مفقود والخارج مولود

22 12 2008

15 215 36

كتب حسام عز الدين:
بمحاذاة المدخل الرئيس لمعسكر “عوفر” الاسرائيلي، حيث يقبع المئات من الاسرى الفلسطينيين، جلست خمس نسوة واخذن يراقبن الاحتفالات الصاخبة لاهالي الاسرى الذين تم اطلاق سراحهم أمس.
هؤلاء النسوة وصلن الى مدخل معسكر “عوفر” ليس للاحتفال، بل من أجل حضور جلسات محاكمة ابنائهن القابعين في هذا المعتقل.
وكان العشرات من الشبان اقاموا حلقات من الدبكة واخذوا يرددون الاغاني والاهازيج الوطنية اثناء تجمهرهم امام المعسكر بانتظار اطلاق سراح الاسرى.
ورغم الحسرة التي تسكن قلوب هؤلاء الامهات اللواتي كن ينتظرن السماح لهن بالدخول الى قاعة المحكمة، الا أن ملامح الفرح بدت واضحة على وجوههن عندما شهدن لحظة معانقة بعض الامهات لابنائهن الذين تحرروا من قيد الاعتقال.
وقالت المواطنة حليمة ابو رشوان التي قدمت من بلدة دورا بمحافظة الخليل على امل السماح لها بحضور جلسة محاكمة نجلها خليل “الله يهني كل ام سعدت بخروج ابنها من سجون الاحتلال، وان شاء الله اللي طلّع هؤلاء الاسرى يطلّع ابني”.
وحول ان كانت تشعر بالسعادة وهي تنظر الى امهات اخريات وهن يحتضن ابناءهن المحررين، قالت ابو رشوان “طبعاً أنا فرحانة، واتمنى ان اكون أنا في يوم من الايام في انتظار ابني هنا”.
ورفع العشرات من أهالي الأسرى المحررين، صور الرئيس الراحل ياسر عرفات، وصور الرئيس محمود عباس، الى جانب الاعلام والكوفية الفلسطينية.
وليس بعيداً عن النسوة الخمس، وقف المواطن عبد الرزاق الهشلمون هو وافراد عائلته في انتظار نجلهم مجدي الذي اطلق سراحه ضمن هذه الدفعة، غير أن القلق كان يسيطر على افراد هذه العائلة بعد سماعهم خبراً يفيد بأن سلطات الاحتلال اعادت اعتقال ثلاثة اسرى ممن كان مقرراً اطلاق سراحهم.
وامضى مجدي الهشلمون عامين ونصف العام في سجون الاحتلال من اصل مدة حكمه البالغة سبع سنوات، وذلك قبل ان يتم اطلاق سراحه امس منهياً بذلك حالة من القلق كانت تنهش اعصاب افراد عائلته.
وقال الهشلمون الاب “هذا اليوم هو اسعد ايام حياتي، واتمنى من الله ان يتم اطلاق سراح جميع الاسرى من سجون الاحتلال”.
وجلس الصحافي اسامة العيسة على مسافة ليست بعيدة عن موقع الاحتفالات منتظراً بان يسمح له جنود الاحتلال بالدخول لحضور جلسة محاكمة نجله الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة من العمر.
وقال العيسة إنه ممنوع من زيارة نجله “لكني اجد في المحكمة فرصة لرؤيته والاطمئنان عليه”.
المواطنة جمعية محمود خليل التي قدمت من بلدة بيت عور لاستقبال نجلها صابر، والذي اعتقلته قوات الاحتلال قبل ثلاث سنوات بعد اسبوع من زواجه، كانت تغمرها سعادة غامرة.
وقالت “انا سعيدة جداً لأن ابني سيعود الى المنزل حراً، لكني اشعر بالاسى والحزن على امهات بقية الاسرى الذين يواصل الاحتلال اعتقالهم”.

http://www.al-ayyam.ps/znews/site/template/Doc_View.aspx?did=100095&Date=12/16/2008





ان تكون (وزيرا) في ارض محتلة

17 12 2008

14 213 35

يعيش الفلسطينيون واقعا عجائبيا،غريبا، لا يمكن وصفه، في فلسطين الان: شهداء يسقطون كل يوم، واسرى يدخلون السجون كل يوم، وايضا رئيسا وزراء ودستات من الوزراء وقريبا رئيسين، فيما يلي تقرير كتبته عن لحظة فلسطينية في زمن مجنون.

ربما لا يحدث ذلك إلا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في يوم يمكن أن تكون وزيرا، وفي اليوم التالي أسيرا، فالدكتور عمر عبد الرازق، وزير المالية السابق في الحكومة العاشرة، حمل أغراضه بمساعدة ابن شقيقه ووقف ينتظر، يوم الاثنين على بوابة معتقل عوفر الإسرائيلي، في بلدة بيتونيا، للدخول من اجل قضاء خمسة اشهر في السجن.
كانت سلطات الاحتلال أفرجت عن عبد الرازق، الذي اعتقل ضمن الحملة التي استهدفت نواب ووزراء حركة حماس، يوم 3-8-2008، بعد اسر جلعاد شاليط ثم استأنفت النيابة العسكرية الإسرائيلية، وتمت إضافة خمسة اشهر جديدة وغرامة بقيمة 30 ألف شيقل، ووافق عبد الرازق على تسليم نفسه من جديد لسلطات الاحتلال، لقضاء الحكم التكميلي الجديد.
ارتدى عبد الرازق، لباسا متقشفا، على الاقل بالنسبة لـ (وزير)، وظهر على غير تلك الصورة التي عرفها عنه الإعلام بعد انتخابه عضوا في المجلس التشريعي، ومن ثم وزيرا للمالية في الحكومة التي شكلتها كتلة حركة حماس في التشريعي، وكان في بؤرة الضوء، بسبب الأزمات المالية التي عانت منها تلك الحكومة.
لم يكن الدخول إلى المعتقل، بالنسبة لعبد الرازق، مسألة سهلة، فقوات الاحتلال أغلقت بوابات المعتقل، ولم تسمح لأحد بالمرور، حتى يتم الانتهاء من إطلاق سراح الأسرى الذين تم تجميعهم في المعتقل، وتقرر إطلاق سراحهم، بعد موافقة الحكومة الإسرائيلية على طلب  أبو مازن بهذا الخصوص.
اتصل عبد الرازق بمحاميه، ليخبره بأنه ملتزم بقرار التسليم، ووصل “في الموعد” و”لم يتأخر”، وانه ينتظر، وتلقى ردا إيجابيا، فوقف ينتظر ويراقب احتفالات أهالي الأسرى بخروج أبنائهم، وإجراءات جنود الاحتلال الاستفزازية بحقهم.
أراد عبد الرازق، وهو يرى عملية الإفراج عن الأسرى أن يؤكد على موقف بإلحاح، وكأنه يريد أن يطرح موقفا متمايزا عن تلك الخطابات التي تصدر عن قيادات حركة حماس في قطاع غزة، وقال  “أطالب الرئيس عباس والاخوة في غزة، أن يفرجوا فورا عن جميع المعتقلين السياسيين الفلسطينيين، في السجون الفلسطينية سواء في الضفة أو في غزة، عيب علينا أن يظل لدينا معتقلون في سجوننا، الاعتقال السياسي مرفوض أينما كان سواء في فلسطين، أو في إسرائيل، أو في أوروبا، أو في أي مكان”.
واضاف عبد الرازق، وهو يرقب فرح الأهالي بخروج الأبناء الأسرى “هل يعقل أن تفرج سلطات الاحتلال عن معتقلين، ونحن ننفذ اعتقالات؟!”.
ورغم أن عبد الرازق، الأسير السابق، الذي يستعد للعودة إلى الأسر من جديد، أبدى فرحا لخروج العشرات من الأسرى، إلا انه تحفظ على مسألة انهم من فئة سياسية معينة، قائلا “هذا من مآسي ما سمي بالعملية السياسية، وخصوصا، فيما يتعلق بالفريق المفاوض”..
وردا على سؤال حول الانتقادات التي يوجهها للفريق المفاوض بشأن عملية إطلاق سراح الأسرى هذه، قال عبد الرازق “انتقد الفريق المفاوض لأنه سلم اختيار أسماء المعتقلين للجهات الإسرائيلية، والتحكم بالمعايير، وهذا شيء مؤلم جدا، ولكن في النهاية نفرح لأي فلسطيني يخرج من السجن، لأنه يخرج من المعاناة”.
وحول المناخ الذي يخيم على الوضع الفلسطيني الداخلي، قال عبد الرازق “هذه مأساة العصر، أتمنى أن نتعالى على جراحنا ونتحاور حوار مسؤول، ونتوصل إلى الوحدة الوطنية الشاملة”.
وردا على سؤال حول كيف يرى المستقبل المنظور والتعامل مع ما اصبح يوصف بأزمة 9 يناير، حيث تصر حماس على عدم الاعتراف بشرعية الرئيس أبو مازن، قال عبد الرازق “أنا مطمئن انه قبل 9-1، سيكون هناك نوع من الحوار الهادىء، لإنهاء مأزق 9-1”.
*هل لديك معلومات بشأن ذلك أم أنها مجرد تمنيات؟
-“نعم توجد لدي معلومات، ولكن ليست تفصيلية كثيرا”.
*كيف ترى لاسلوب التهجم غير المسبوق والشتائم في الساحة الفلسطينية؟
-“هذا شيء مؤسف، ويدمي القلب، يجب أن نترفع بكلماتنا، ونتصرف كقادة، وليس كمتناكفين كطلاب في جامعة، أو متناكفين في شارع”.
*هل تحمل رسالة للأسرى، من الخارج؟
– سأنقل لهم الوضع كما يعيشه الشعب الفلسطيني بأمانة، واحمل لهم تحيات اخوتهم واقول لهم بأنهم ثابتون بدعمهم، واطمئنهم انه توجد اخبار سارة في المستقبل القريب، سواء في ملف المصالحة، أو ملف الأسرى”.
*لماذا أقدمت على تسليم نفسك، هل فكرت بالمطاردة؟
-في الواقع أنا لست جاهزا للمطاردة، ولا أظن أن الأمور تستقيم أن يكون المرء نائبا ومطاردا في الوقت ذاته.
*هل تشعر بصعوبة وأنت تتقدم بنفسك لتدخل المعتقل؟
-السجن ليس مشكلة، ولكنها مسألة البعد عن الأقارب والاخوة والأحباب، إطلاق سراحي كان قدرا من الله، وكذلك اعتقالي من جديد، عندما أطلق سراحي، لم يكن أحد في الدنيا يتوقع ذلك، فأنا ملفي الأصعب من سائر ملفات النواب المعتقلين، فأولا أنا مرشح ضمن قائمة التغيير والإصلاح، وعضو مجلس نواب، ووزير مالية، ويعتبر هذا أهم منصب”.
مع اقتراب دخول عبد الرازق عبر بوابة السجن، وفي أجواء التوتر حضرت النكات، ومن بينها ما قاله الوزير السابق، والأسير الحالي:
بالأمس كنا نغير من محطة إلى أخرى لنتابع حكاية الحذاء، ولنرى لعله أصاب بوش، إذا لم يحدث في المحطة التي نراها، فربما يكون الحذاء وصل في المحطة التالية”.
ثم دخل عبر البوابة الرئيسة إلى بوابة أخرى، واخضع لفحص دقيق، لن يكون الأخير، لان مشواره عبر بوابات عوفر لم ينته بعد.





نكتة عمر عبد الرازق الاخيرة

16 12 2008

13 211

الدكتور عمر عبد الرازق، هو وزير المالية في حكومة حماس، حسب وسائل الاعلام، والحكومة العاشرة حسب تعبيره

يوم امس الاثنين، التقيت عبد الرازق، امام سجن عوفر، جاء حاملا اغراضه ليسلم نفسه، بعد ان تلقى اشعارا بان عليه قضاء خمسة اشهر اضافية في السجن بعد ان خرج بكفالة خلال العيد.

المشهد امام سجن عوفر بالغ العجائبية، حضرت حشود عديدة لاستقبال نحو 200 اسير، وافقت اسرائيل على الافراج عنهم، كبادرة حسن نية تجاه ابو مازن، رغم الاجواء الفرحة الا ان المؤسف ان حفل الاستقبال هذا تحول الى ما يشبه العرس الفئوي، فجميع المفرج عنهم هم من تنظيم معين، اما الاهازيج والاغاني التي رددها الحضور فكانت فئوية، وتحط من قدر حركة حماس، في موقف عادة ما كان يستدعي الشعارات الوحدوية.

انتظر عبد الرازق لساعات حتى تتم ترتيبات الافراج عن الاسرى، ليتمكن من الدخول الى معتقل عوفر، وحرص على الاتصال بمحاميه ليؤكد لادارة السجن انه وصل على الموعد.

في ظروف يعيش فيها المسؤولون الفلسطينيون،وطاة اجراءات الاحتلال، يتحولون الى اشخاص اخرين، غير ما كانوا عليه تحت اضواء السلطة الوهمية، وهذه الصفة الاخيرة من تعبيرهم، دردشت مع عبد الرازق واصر على ان يسجل دعوته لابي مازن ولـ “الاخوة في حماس” على اطلاق جميع المعتقلين السياسيين في سجون الطرفين، وقال “لا يعقل ان يطلق الاحتلال سراح اسرى ونقوم نحن باعتقالات، انه امر مشين”.

قبل دخوله الى السجن، وفي لحظات التوتر، تحضر عادة النكات وكان الموضوع هو الحدث الابرز رشق مجرم الحرب بوش بالحذاء، من قبل منتظر الزيدي..

قال عبد الرازق:

بالامس كنا نغير من محطة الى اخرى لنتابع حكاية الحذاء، ولنرى لعله اصاب بوش، اذا لم يحدث في المحطة التي نراها، فربما يكون الحذاء وصل في المحطة التالية.

قبلها كان حسام عز الدين، اراني جملة رسائل على هاتفه الخلوي وجميعها نكات على الحذاء، وقال بانه عمل منها قطعة اخبارية للفرنسية.

دخل عبد الرازق امامي ليخضع للتفتيش، ودخلت بعده، لاحضر جلسة محكمة لابني باسل استغرقت (5) دقائق فقط.

وصلت رام الله وكان الظلام قد حل، ورايت بان الحذاء سبقني اليها، وتم طبعه على التي شيرتات للتسويق، وجدت  علي خلف في رصيف مقهاه المفضل، تناولت القهوة معه، حدثني عن موضوع رياضي كتبته واعجبه كثيرا قال لي:

-احب ان اجلس خارج المقهى، كان عيد عمرو يقول لنجلس خارجا لنرى وجوه الناس..

قلت له:

-ستكون كارثة اذا عاش هؤلاء الناس ليلة اخرى تحت الاحتلال، هذا الاحتلال الذي لا تبدو له نهاية..!