فلسطينيون يعيشون في معسكرات اعتقال

9 03 2009

7707

اعداد لا حصر لها من الفلسطينيين محاصرة بالاسلاك الشائكة التي وضعها المحتلون، وهي جدران واسيجة غير ذلك الجدار الذي يتم الحديث عنه اعلاميا، هنا تقرير كتبته عن ظاهرة الفلسطينيين المعتقلين داخل قراهم ومخيماتهم تماما مثل معسكرات الاعتقال:

اغرب ما يمكن أن يلاحظه المسافر إلى مدينة رام الله، آتيا من جنوب الضفة، هي لافتة وضعها مجلس قروي (جبع) ترحب بزوار القرية المفترضين، على مدخل القرية المغلق بالأتربة والحجارة الكبيرة، وكأن المنطقة تعيش حالة حرب لا تنتهي.
ولم تكتف قوات الاحتلال بإغلاق مدخل القرية، بل وضعت سياجا حولها، ومؤخرا حولت الحاجز العسكري بجانبها على مدخل مدينة رام الله، إلى حاجز عسكري دائم.
وتعيش أعداد كبيرة من المواطنين الفلسطينيين، بعد نحو 15 عاما من تأسيس السلطة الفلسطينية، في تجمعات سكانية محاطة بالأسلاك الشائكة، ومثل سكان قرية جبع المحاصرين بالأسلاك الشائكة، هناك أهالي مخيم العروب قرب الخليل، الذي تتموضع قوات من جيش الاحتلال بشكل دائم على مدخله، وبنت هذه القوات أبراجا عسكرية، تستخدم لإطلاق النار على سكان المخيم المحتجزين خلف السياج الحديدي.
وعلى بعد نحو كيلومترين، تعاني أيضا بلدة بيت أمر شمال الخليل، من الاسيجة، والأبراج العسكرية، ويسقط شهداء وجرحى باستمرار في مدخل البلدة، برصاص قوات الاحتلال التي لا تغادر المنطقة.
ونفس الأمر ينطبق على بلدة سعير، ومدينة حلحول، التي أغلق مدخلها الرئيس، وأحيطت بأبراج المراقبة العسكرية من كل جانب.
وتظهر ما يمكن تسميتها بمآس حقيقية يعيشها المواطنون، خلف الاسيجة، في قرية حوسان، غرب بيت لحم المحاطة بسياج وبمستوطنات لا تكف عن التمدد، مما كلف سكان القرية، فضلا عن حجزهم خلف السياج، مداهمات ليلية واعتقالات طالت العشرات من فتية القرية.
وفي بعض القرى، تضع قوات الاحتلال بوابات، للتحكم بحركة المواطنين، كما هو حال منطقة ام ركبة في بلدة الخضر، غرب بيت لحم، وقرية (شقبا) غرب رام الله، وقرى أخرى مجاورة لها، أصبح الدخول إليها فقط من أسفل شارع استيطاني التفافي.
وعمدت قوات الاحتلال إلى حجز عائلات خلف البوابات والاسيجة، مثلما هو حال عائلتين في منطقة بئر عونة في بيت جالا، تم حجز أفرادهما لوقوع منزليهما في طريق ترابي مؤدي إلى قرية المالحة المحتلة، غرب القدس.
ووضعت سلطات الاحتلال سياجًا فاصلاً، وأغلقت الشارع في تلك المنطقة ببوابة حديدية، يعلوها تحذير ينص “خطر الموت- منطقة عسكرية… كل من يعبر أو يلمس الجدار يعرض نفسه للخطر”.
واخبر جنود الاحتلال سكان العائلتين المحجوزتين خلف السياج والبوابة، انهما أصبحا في منطقة إسرائيلية كاملة السيادة، تابعة للقدس، ولا يحق لهما تجاوز السياج إلى منازل جيرانهم على الجانب الآخر منه، الذي يخضع أيضًا للسيادة الإسرائيلية العسكرية الكاملة، ولكن السكان لا يعتبرون ضمن حدود مدينة القدس بالمفهوم الإسرائيلي العسكري، ولكنهم كذلك بمفهوم سلطات إسرائيلية أخرى كالبلدية، التي تفرض عليهم ضرائب باهظة دون أن تقبل بهم مواطنين في مدينة القدس.
وأخذت المنطقة اسمها من بئر ماء قديم تاريخي يدعى (بئر عونة)، وهو يرتبط بتقاليد مسيحية محلية، تتعلق باستراحة العذراء في المكان، وإرواء طفلها يسوع، وتظهر بجانب فوهة البئر، آثار أقدام، يعتبرها بعضهم آثار أقدام العذراء.
وتظهر سياسة العزل خلف الاسيجة، بشكلها الأكثر بشاعة في بلدة الخليل القديمة، حيث تنتشر البوابات الالكترونية، ونقاط التفتيش، ولا يستثنى من ذلك منطقة الحرم الإبراهيمي الشريف، الذي تحول محيطه إلى ثكنة عسكرية، وفي الأيام التي يسمح فيها للمسلمين بالصلاة داخله، يتوجب على كل منهم أن يخضع لتفتيش دقيق، عبر آلات كشف المعادن، على المدخل الرئيس للحرم، ثم تفتيش آخر من نقطة لجنود الاحتلال على باب الحرم الداخلي.





آبار أيوب المقدسة

16 05 2008

في مرمى، برج عسكري إسرائيلي، نصب على جبل مرتفع يدعى (الجمجمة) يطل على بلدة حلحول، التي تقع على شارع القدس-الخليل التاريخي، توجد (عين أيوب)، التي تحمل اسم أحد الأنبياء الذي ارتبط اسمه بعدد من الينابيع والآبار والعيون، في فلسطين، والتي أسبغت عليها الكثير من القداسة في الموروث الشعبي، كما هو حال هذه العين.

وتنبع هذه العين من وسط مرتفع جبلي، وتنساب في نفق على شكل قناة مبنية من الحجارة، ومغطاة، بطول نحو عشرة أمتار، لا تظهر تضاريسها على السطح، لتصل إلى المصب، وهو عبارة عن مسطح صخري صغير، تظهر عليه نتوءات وجد المواطنون المحليون تفسيرات لها منذ زمن لا يمكن تحديده، وأولها فتحة دائرية صغيرة تتجمع فيها المياه، وهي كما يظهر عبارة عن تجويف حدث بفعل العوامل الطبيعية، ويعرف من قبل المواطنين المحلين بأنه آثار راس النبي أيوب، وأمامه نتوء صغير يُعرّف بأنه عصا النبي أيوب، وبالقرب منه، تجويف يشبه آثار قدم، يُعرّف بأنه خبطة رجل النبي أيوب.

وفي الموروث الشعبي الفلسطيني، توجد أماكن كثيرة في فلسطين، مرتبطة ببصمات للأنبياء أو الأولياء، على الصخور، مثل آثار الأيدي، والرؤوس، والأقدام وغيرها.

وتتدفق مياه العين، لتتجمع في بئر اسمنتي، يعود لأسرة من عائلة البربراوي، ومنه يتم سحب المياه، كهربائيا لري الأراضي الزراعية في المكان، التي يقدرها نهاد نبيل البربراوي، بمساحة أربعة دونمات، يتم زراعتها على مدار العام، بمنتجات مختلفة، مثل القرنبيط، والفاصوليا، والبندورة، وغيرها.

وتحظى هذه العين بشهرة، لاعتقادات تتعلق بقدرة مياهها على الشفاء من الأمراض الجلدية، مثل الصدفية، والجدري، باعتبار أنها ساهمت في شفاء النبي أيوب نفسه من أمراضه المتعددة التي تحدثت عنها القصص الدينية.

ويذكر نهاد البربراوي، بأنه يأتي إلى العين أناس من مختلف المناطق الفلسطينية، لاستغلال ما يعتقدونه من ميزات شفائية لمائها، فيغتسلون بها، وليس من النادر، رؤية بعضهم، وهو يضع غطاء على موقع العين، عادة ما يكون شادرا، لكي يتمكن المريض أو المريضة من الاستحمام بماء العين، بعيدا عن أعين المتلصصين، ومن بينهم جنود الاحتلال في البرج العسكري.

ويعتقد الطفلان محمود وفراس كرجة، بان اغتسال المريض بالجدري بماء هذه العين، لا يضمن الشفاء فقط، بل عدم الإصابة بهذا المرض إطلاقا، ويؤكدان ذلك بما حدث لأخيهما الأكبر سنا نائل، الذي شفي من الجدري بعد اغتساله بماء العين.

وتقع هذه العين، في منطقة زراعية، ولكنها تشهد نموا عمرانيا ملحوظا، وان كان ليس كبيرا، أدى إلى بناء مسجد في المنطقة عام 2000، أطلق عليه اسم مسجد النبي أيوب.

وبناء المسجد، ليس التطور الوحيد الذي حدث في المكان، فبعد إغلاق شارع القدس-الخليل، المؤدي إلى حلحول، من قبل سلطات الاحتلال، تم افتتاح طريق آخر التفافي، تبعد العين عنه نحو 50 مترا.

وبسبب الموقع الاستراتيجي لبلدة حلحول التي ترتفع نحو 1027 مترا عن سطح البحر، وهي بهذا أعلى منطقة مسكونة في الأراضي الفلسطينية سواء تلك

 
 

المحتلة عام 1948 أو المحتلة في عام 1967، تم إنشاء مستوطنة يهودية على أراضيها، عام 1984، أعطيت اسم (كرمي تسور)، ووصل عدد قاطنيها 623 مستوطنا ومستوطنة، عام 2003، وفقا لإحصاءات رسمية إسرائيلية، لكن الإجراءات الأمنية والتوسعية اكبر بكثير مما يتطلبه هذا العدد من المستوطنين، وتواصل تمدد المستوطنة عبر بؤر استيطانية، مثلما حدث في 5-2-2001، بإقامة البؤرة الاستيطانية (تسور شاليم) التي سكنتها في البداية 15 عائلة من المستوطنين اليهود، بعد مصادرة المزيد من الأراضي التي تعود ملكيتها لأهالي بلدتي بيت أمر، وحلحول.

وخلال انتفاضة الأقصى، كانت هذه المستوطنة مسرحا لإحدى العمليات الفلسطينية التي توصف بالجريئة، عندما اقتحم الشاب احمد بدوي المسالمة، الذي خطط ونفذ عدى عمليات فدائية سابقا، متنكرا بزي جندي إسرائيلي المستوطنة يوم 8-6-2002.

وتمكن المسالمة، من قتل مستوطنين وجندي واصاب آخرين، حسب المصادر الإسرائيلية، وصمد في وجه التعزيزات التي استدعيت للمستوطنة واخيرا تمكن أحد الجنود من قتله.

وشكلت هذه العملية مع عمليات أخرى إلهاما لآخرين من المجموعات الفدائية لتنفيذ عمليات وصفت بالنوعية في المستوطنات التي تحيط بالخليل.

وردا على هذه العملية، تم إقامة بؤرة استيطانية جديدة في المكان بتاريخ 10-7-2002، أسميت (كرمي تسور دروم).

وعين أيوب في حلحول، ليست إلا واحدة من ينابيع وابار عديدة، يعتقد الفلسطينيون بان النبي أيوب قد استحم فيها وشفي ومنها مثلا: حمام الشفا في القدس، وبئر أيوب في سلوان، وعين النبي أيوب في راس كركر، وعين النبي أيوب في خربثا، وعين النبي أيوب وبئر أيوب في دير أيوب، وعين أيوب شرق خربثا، وجميع هذه المناطق تقع بين مدينتي رام الله ونابلس.

ويذكر الدكتور توفيق كنعان في كتابه عن الأولياء المسلمين في الأراضي المقدسة الذي صدر بالإنجليزية عام 1927، بان أهل غزة يعتقدون بان النبي أيوب “قد شفي تماما عندما استحم بمياه البحر يوم الأربعاء الذي يسبق عيد الفصح اليوناني، ويسمى أربعة أيوب أو ابرية أيوب، وفي يوم الأربعاء المذكور يتم إحضار كل الغنم المصابة بالمرض إلى البحر لتغسل”.

ولا شك انه يقصد بعيد الفصح اليوناني، عيد الفصح لدى الأرثوذكس، وهم في فلسطين أغلبيتهم من العرب، ولكن تسيطر الأقلية اليونانية من رجال الدين على مقدرات طائفتهم.
ولا يعرف إذا كان مثل هذا التقليد ما زال متبعا في غزة أم لا؟، وهي التي يتعين عليها الان ان تتحلى بصبر أيوب، اكثر من الاهتمام بالتقاليد الطبية المنسوبة إليه.
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Reports/2008/5/330977.htm