الجمعة العظمى..الخيانة العظمى

25 04 2008

 





الإسرائيليون يصلون عنابة

25 04 2008

بعد أن اغرق الإسرائيليون، سفينة ( ايتبريوس ) الفلسطينية، التي كانت ترفع علم هندوراس، واسر خمسة من الفدائيين الفلسطينيين، الذين كانوا في طريقهم لتنفيذ العملية في مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية، اخضع هؤلاء الأسرى للتحقيق، وبعد ثلاثة أيام، وصلت الضفادع البحرية الإسرائيلية إلى شاطيء عنابة الجزائري، وأغرقت السفينة الفلسطينية الثانية ( مون لايت )، بناء على التحقيق مع الأسرى، وليس نتيجة معلومات استخبارية إسرائيلية كما يقول يوسف الشرقاوي، متابعا حديثه عن تفاصيل العملية التي خطط خليل الوزير ( أبو جهاد ) لتنفيذها وسط تل أبيب، في مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلي، لاخذ رهائن أسرى من كبار الضباط فيها وربما وزير الدفاع نفسه، ومبادلتهم بأسرى فلسطينيين وعربا من السجون الإسرائيلية.

روايتان متناقضتان
وهنا لا بد من التوقف للإشارة إلى أن كلام الشرقاوي يناقض ما قدمته صحيفة معاريف الإسرائيلية، باعتباره كشف ينشر لاول مرة، وهو أن مهاجمة الباخرة (مون لايت)، في عنابة تم قبل إقلاع باخرة (ايتبريوس)، بعد توفر معلومات للاستخبارات الإسرائيلية حول عملية استهداف وزارة الدفاع، وهو ما ينفيه الشرقاوي بشدة.

وحسب معاريف فان الإسرائيليين علموا بمخطط أبو جهاد، ولكنه تمكن من خداعهم، والإيحاء بان سفينة (مون لايت)، هي التي ستنطلق لتنفيذ العملية، فقطعت الضفادع البحرية الإسرائيلية مسافة 2600 كيلو متر من شواطئ إسرائيل. إلى عنابة لتنفيذ العملية.

وحسب معاريف “وصلت وحدة الكوماندوز الإسرائيلية إلى ميناء عنابة بقيادة نائب الجنرال يوآف جلاند الذي اصبح اليوم قائد المنطقة الجنوبية. جلاند آت من الكوماندو البحري في الأصل. وبعد إبحار طويل وصعب لسفينة البحرية الإسرائيلية تم تفجر سفينة مون لايت بدون أية مصاعب. الصحف في حينه تحدثت عن انفجار غامض أدى إلى غرق السفينة في ميناء عنابة الجزائري. إغراق السفينة تسبب في مشاعر ارتياح كبيرة في جهاز الأمن وفي ديوان رئيس الوزراء شمعون بيرس”.

واضافت معاريف “ولكن الشعور بالغرور لم يتواصل لمدة طويلة. اتباع م.ت.ف لم يجدوا صعوبة في تخمين من يقف وراء العملية. ووصلت أنباء لإسرائيل مفادها أن ابو جهاد يقول أن الذي يضحك هو من يضحك في الآخر. عبارته هذه أشعلت ضوء احمر مرة أخرى”.

وتشير معاريف، انه بعد إغراق (مون لايت) في عنابة، تحركت سفينة (اتي بيريوس) من الجزائر في الرابع عشر من نيسان (أبريل) 1985. وبين 20 ـ 21 أيار (مايو) سارت نحو قناة السويس وفجأة خرجت من بين رتل من سفن التجارة وتوجهت فجأة نحو الساحل الفلسطيني المحتل. وعند الساحل كانت سفن البحرية الإسرائيلية تقوم بدورياتها فاكتشفت إحداها السفينة وطلبت منها أن تعلم عن هويتها، ولكن طاقم السفينة الفلسطينية رد بإطلاق النار، فبدأت البارجة الإسرائيلية بإطلاق القذائف نحوها وخلال عدة ثوان انفجرت وغرقت في مياه البحر.

ويعتبر الشرقاوي أن ما نشرته معاريف غير دقيق أبدا، وهو محاولة متأخرة لنسبة بطولات غير حقيقية لأجهزة الأمن الإسرائيلية، ويقول بأنه بعد التحقيق الإسرائيلي مع الأسرى الفلسطينيين الخمسة، تم تنفيذ العملية في عنابة، وليس قبل ذلك، ولم تكن ضربة استباقية بناء على معلومات استخبارية.

ويعتقد الشرقاوي، أن العملية الإسرائيلية استهدفت اكثر من سفينة، ويقول بان الأمن الجزائري تكتم على الموضوع، ولم يشر إلى تنفذ الإسرائيليين لعملية في عنابة.

ويضيف الشرقاوي بعد كل هذه السنوات “التزمنا نحن أيضا الصمت، ولكنني يمكن الان الإفصاح، انه وصلتنا معلومات بان الجزائريين تمكنوا من اسر عدد لا نعرفه من الضفادع البشرية الإسرائيلية، الذين نفذوا العملة، والاعتقاد لدي بأنه تم مبادلة الأسرى، ربما بوساطة أميركية، خصوصا وانه في تلك الأثناء بدأت عمليات غزل ما بين الجزائر والولايات المتحدة الأميركية”.

ويتساءل الشرقاوي “لو كان لدى الإسرائيليين معلومات مفصلة عما نخطط له، لكانوا نفذوا إنزالا في معسكر التدريب، الذي لا يبعد سوى أمتار عن الشاطيء؟، أو لكانوا اغرقوا السفينة ايتبريوس وأبو جهاد على متنها طوال 9 أيام؟”.

استخلاصات فلسطينية
بعد إغراق السفينة الفلسطينية الأولى في عرض البحر، وهي في طريقها إلى شاطيء يافا-تل أبيب، وإغراق السفينة الثانية في عنابة، فشل مخطط أبو جهاد بتنفيذ عملية غير مسبوقة، تعيد لمنظمة التحرير مكانتها، وتفرض على الإسرائيليين معادلات جديدة في الصراع.

وحسب الشرقاوي فان أبا جهاد كان يريد أن يمزج بين المفاوضات والمقاومة، وكان يتحدث للمقاتلين والمقربين منه قائلا “العمليات التي ننفذها توجه رسالة إلى الإسرائيليين بأنهم إذا أرادوا استمرار القتال فنحن على أهبة الاستعداد، وإذا جنحوا للسلم، فإننا أيضا سنكون على استعداد لذلك”.

وبعد فشل العملية، بدا أبو جهاد متماسكا، كما يقول الشرقاوي، وتم إجراء تقييم لما حدث طوال عامين من التدريب القاسي والتخطيط ثم البدء بالتنفيذ، ومما تم استخلاصه، التركيز على عمليات الاستطلاع قبل تنفيذ أية عملية، وتضييق دائرة من يعلمون بالعملية في عدد محدود جدا من الأشخاص، والاستعداد الجيد، وأهمية سرعة انزلاق القوارب من الباخرة في البحر، والاتجاه إلى الهدف فورا.

ويضيف الشرقاوي “من وجهة نظري فانه في هذه العملية كان هناك قدر من النجاح، حيث استطاع الفدائيون الاشتباك مع الإسرائيليين، رغم عدم التكافؤ بين القوتين، وبالنسبة لنا فان مجرد الاشتباك في عرض البحر يعتبر نجاحا نسبيا، ولكن في المقابل، فإننا فشلنا في تنفيذ عملية مدوية، لو نجحت بالكامل وتم اقتحام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية، لكان بالإمكان البناء عليها، وخسرنا 24 شهيدا من صفوة المقاتلين، وبعد تدريب وانقطاع عن عائلاتهم استمر عامين”.

أبو جهاد يواصل التخطيط
ويظهر من التطورات التي حدثت لاحقا، بان أبا جهاد، استمر في التخطيط لتنفيذ عملية مدوية، وان الفشل في استهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية لم يثنه عن التفكير هذه المرة في استهداف مفاعل ديمونا، وهي العملية التي خرجت إلى حيز التنفيذ خلال الانتفاضة الأولى، وتمكنت مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين من السيطرة على حافلة إسرائيلية لنقل العاملين في مفاعل ديمونا، يوم 8-3-1988، والاتجاه بما تحمله من فنيي المفاعل إليه، قبل أن تتمكن القوات الإسرائيلية من الاشتباك مع المسيطرين على الحافلة، وإحباط الوصول إلى المفاعل النووي الإسرائيلي الذي يحظى بحراسة أمنية مشددة، بعد أن اصبح الفدائيون قريبون جدا منه، ونتج عن العملية قتل 50 من الفنيين الإسرائيليين ومنفذي العملية الثلاثة.

والاعتقاد لدى المتابعين، بان وقوف أبو جهاد شخصيا خلف عملية ديمونا، هي السبب التي جعلت إسرائيل، تقرر اغتياله، ولكن صحيفة معاريف تشير بأنه بعد العملية البحرية التي كانت تستهدف وزارة الدفاع، قررت الحكومة الإسرائيلية برئاسة شمعون بيرس في عام 1985، اغتيال أبو جهاد، وانه تم تنفيذ ثلاث محاولات فاشلة قبل الوصول إليه في تونس واغتياله في شهر نيسان (أبريل) 1988.

ويقول الشرقاوي “تميز أبو جهاد بإيمانه بالإبداع، واعطاء الفرص للآخرين، وبالشجاعة، وكثيرا ما كنا نراه وسط المقاتلين، في أثناء القصف، أو بعد عمليات إنزال إسرائيلية، وكان له دورا مهما سواء خلال عملية التوغل الإسرائيلية التي عرفت باسم عملية الليطاني عام 1978، أو خلال حصار بيروت 1982”.

ويضيف “كان لدى أبو جهاد شخصية لها حضور وهيبة بين المقاتلين، ويحظى باحترامهم، وكان على تواصل دائم معهم، حتى بعد الخروج من بيروت”.

ويكمل “كنا على يقين بان فشل عملية اقتحام وزارة الدفاع الإسرائيلي، لن تثنيه عن مواصلة التخطيط، ولم نفاجا بعملية ديمونا”.

الرجوب كان هناك
بعد فشل عملية استهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية، خرج أبو جهاد والشرقاوي وغيرهم ممن لهم علاقة بالعملية، من الجزائر، وأصبحت تونس هي مكان إقامة أبو جهاد، وفي هذه الإثناء، ومنذ عام 1985، كانت أجهزة الأمن الإسرائيلية تجمع أية معلومات عن تحركاته، بعد أن اصبح على قائمة الموت الإسرائيلية.

وكشفت معاريف عن ثلاث محاولات إسرائيلية فاشلة لاغتياله، وذكرت “كل محاولة لاغتياله بعد عام 1985 كانت تتم بعد عملية جمع معلومات استخبارية طويلة. مع مرور السنين تراكمت معلومات كثيرة في ملف أبو جهاد وفيها تفاصيل نمط حياته. في إحدى الحالات سافر أبو جهاد خلال أيام طويلة في سيارة مفخخه بالقنابل ولكن هذه القنابل لم تنفجر لسبب ما وهناك شك طبعًا انه كان يعرف بالأمر حتى بعد الفشل، وفي حالة أخرى أطلق الرصاص على مكان يتواجد فيه أبو جهاد. وفي مرة أخرى انفجر صاروخ ولكن الهدف لم يتضرر مرة أخرى”.

أما الشرقاوي فيشير إلى نجاة أبو جهاد من عدة عمليات اغتيال إسرائيلية، ويكشف عن إحدى هذه العمليات، حين قصف الإسرائيليون من البحر سيارته التي يقودها في طرابلس، برشقة من صواريخ جراد، ولكنه واصل السير رغم العطب الذي أصاب إطارات السيارة ونجا.

ولكن الإسرائيليين، لم يتوقفوا، وكانت لديهم مهمة لا تقبل التأجيل، فتم الوصول إلى أبي جهاد أخيرا، وبعد ثلاث سنوات من اتخاذ قرار اغتياله، إلى مكان سكناه في تونس العاصمة، في عملية محكمة، ليودع الرجل الذي تجرا على تجاوز الخطوط الحمراء الدنيا يوم 16-4-1988، دون أن تكتحل عيناه مرة أخرى بمسقط رأسه مدينة الرملة التي ولد فيها عام 1936، واصبح لاجئا في غزة وعمره 12 عاما.

وعندما تم اغتيال أبو جهاد، كان الشرقاوي، في مخيم شاتيلا في لبنان، في ظل ظروف من الاقتتال الفلسطيني-العربي هذه المرة.

ويقول الشرقاوي “قبل عملية اغتيال أبو جهاد بـ 48 ساعة، تحدثت معه تلفونيا من مخيم شاتيلا، لمدة 40 دقيقة، وكان الحديث عن الأوضاع في المخيمات، واذكر انه شدد كثيرا على الوحدة الوطنية، وقال لي بأنه يجب الان التركيز على الأرض المحتلة التي تشهد انتفاضة، وبأنه يجب تعزيز صمود الأهل هناك، وطلب مني محاولة التخفيف من حدة الصراع الذي كان تشهده المخيمات مع القوى التي تحاصرها، قائلا بان الصراع الأساسي هو مع العدو الإسرائيلي، ويجب تجنب أية صراعات أخرى، لأنها لا تخدم هدفنا الأول وهو دحر الاحتلال”.

ويضيف الشرقاوي “بعد أن استمعت إلى توجيهات أبو جهاد، قال لي فجأة بان جبريل الرجوب، عندي في المنزل، ويريد أن يتحدث معك، وهو يشكرك على ما فعلته معه، وكان أبو جهاد يقصد المهمة التي كلفني بها في وقت سابق بإدخال الرجوب من البقاع إلى مخيم شاتيلا، في ظروف صعبة من الاقتتال كما ذكرت سابقا”.

ويشير الشرقاوي، إلى انه تحدث مع الرجوب، بعد أن تحدث مع أبو جهاد، ولم يكن يعلم أحد، بان الكوماندوز الإسرائيليين، كانوا اقرب من أي وقت مضى من الرجل الثاني في حركة فتح، لينهوا حسابا معه، في عملية لم تعترف بها إسرائيل حتى الان، وشارك فيها ميدانيا الكثير من قادتها المشهورين مثل اسحق رابين، وايهود باراك، وموشيه يعلون، الذي تتحدث معلومات حديثة على انه من أطلق الرصاص على أبو جهاد لتأكيد موته.

http://65.17.227.80/ElaphWeb/Politics/2008/4/324729.htm